عاشقة الليل
عدد المساهمات : 122 تاريخ التسجيل : 22/12/2011 الموقع : بقايا احلام منثوره
| موضوع: لقد اكتشفوا السر الأربعاء ديسمبر 28, 2011 8:27 pm | |
| لقد اكتشفوا السر منزل واسع..أرائك مخملية..لوحات ناطقة..نباتات ظل..أرفف تبسمت عليها تحف
ملونة..رغم كل ذلك ..إلا أنه بدا كئيبا خمسة عشر عاما..لا حركة..لا حياة..
لا شقاوة..العبث بأثاث المنزل يعطيها الحياة..المخدات على الأريكة لم تلامسها
سوى يد الخادمة أو صاحبة المنزل..ما أجمل عبث الصغار بها وهم يتقاذفونها
من زاوية إلى أخرى!تلك الفوضى جميلة لمن لم يعشها..إن اتساخ المنزل على
أيدي الصغار ثم تنظيفه لهو الحياة للمنازل..حياة يتمناها المحرومون!
مرت السنوات..جاءت هناء..فابتسم كل شيء..الأرائك رأت قفزات هناء على
بطنها قمة المتعة..أواني الزهور تخر صريعة بسبب قذيفة كروية أخطأت
مسارها..إلا أنها تبتسم رغم تناثر أشلائها!
هناء أحبها الجميع..لم تكن كسائر الأطفال..فهي ذكية..مرحة..اجتماعية..
محبة لكل من حولها.
مرت السنوات..بلغت السادسة من عمرها..التحقت بالروضة فنشرت عبيرها
هناك..أحبت معلماتها وصديقاتها وأحببنها. مضى العام سريعا..
اشتركت في فقرات حفل التخرج من الروضة..لفتت أنظار الجميع
لخفة ظلها..استلمت شهادة التخرج. بدأت الإجازة السنوية..
تألمت كثيرا لفراق معلماتها وصديقاتها .
العام الدراسي الجديد قد بدأ..التحقت بالمدرسة المجاورة للمنزل..
كانت فرحة جدا..ارتدت مريولها المدرسي..حملت حقيبتها..
لا أدري أهي التي جملت زيها المدرسي أم هو الذي جملها؟!
فقد كانت تبدو في قمة الحسن والجمال.
مر الأسبوع الأول..وتلاه الثاني..بدأت هناء كزهرة تذبل رويدا رويدا..
تدعي المرض لئلا تذهب إلى المدرسة..
هناء:ماما..أشعر بمغص في بطني..ربما لن أستطيع الذهاب
غداً إلى المدرسة.
الأم:لا بأس عليك حبيبتي..سأدهنك بزيت الزيتون وستكونين أفضل بإذن الله.
مرت أيام وما زالت هناء تدعي المرض حتى فقدت الأمل في جدوى تلك الحيلة.
هناء:ماما..لا أريد الذهاب إلى المدرسة غدا.
الأم:لماذا بنيتي؟
هناء:لم أحفظ الحروف.
الأم:لكنني حفظتك إياها جيدا..ووجدتك قد أتقنتها كتابة وقراءة!
هناء:إنني نسيتها الآن!
الأم:لا تقلقي حبيبتي..سأراجعها لك صباحا قبل ذهابنا إلى مدارسنا.
استيقظت هناء..أنهت جدولها الصباحي المعتاد..أخرجت دفترها وكتبت الحروف
بأجمل ما يكون من خط.
مازالت الزهرة مستمرة في الذبول..الوجه المشرق انطفأ ضوؤه تماما..
الاكتئاب نقش له وشما على وجنتيها..أقدامها لم تعد قادرة على حملها حينما
تستيقظ صباحا للمدرسة!
مضى شهر منذ بدء العام..غدا مجلس الأمهات..طلبت الأم من شقيقتها(الخالة)
أن تذهب للسؤال عن مستوى طفلتها..لانشغالها هي بدوامها..
عادت الأم من المدرسة..حادثت شقيقتها هاتفيا.. آه يا للصدمة!
غير معقول! كيف يمكن أن يكون هذا؟! صغيرتي كسلانة؟!
إنني كنت سأصدق لو أن غيري كان يتابعها! لكنني بنفسي أراجع لها
ما تدرسه أولا بأول! لابد أن هناك سرا لا أعرفه! لكن كيف لي ذلك؟!
تناول الجميع طعام الغداء..استرخت الأم لتأخذ غفوة كالعادة بعد عناء الدوام..لكن
الغفوة هذه المرة خالطها شيء من الألم والقلق وفجأة..فجأة..
إذا بعروس في ثوب متلألئ تأتيها على جواد أبيض لتنتشلها مما هي فيه..
فرحت لقدومها كثيرا..إن تلك العروس هي فكرة نقل ابنتها إلى مدرسة خاصة!
نعم..نعم..سأنقل هناء إلى مدرسة خاصة!لا تهمني المادة! المهم أن تعود الحياة
إلى زهرتي الذابلة!
في الصباح الباكر..اصطحبت الأم زهرتها إلى إحدى المدارس النموذجية..
استقبلتها المساعدة استقبالاطيبامرحبة بها..عرفت الزهرة على معلمتها
الجديدة (هالة) ثم انصرفت الأم إلى دوامها بعد أن اطمأنت على صغيرتها.
رن جرس الحصة السابعة معلنا انتهاء اليوم الدراسي..
مرت الأم على حبيبة قلبها..
عجباً!
لقد عادت الدماء تتدفق إلى وجنتي الزهرة خلال سويعات تعد على الأصابع..
الفرح رقص على قطرات الندى التي أضاءت جبينها المشرق..فأخفت عناء
اليوم الدراسي.. السرور وجد من وجنتيها مسرحا لأداء رقصاته الجميلة..
مرت الأيام..امتلأ دفترها بالنجوم..الملصقات..عبارات الشكر.. حصلت على
لقب الطالبة المميزة في..الإلقاء..الخط..الإملاء!
ذات يوم بينما كانت جالسة مع ابنة عمها..تساءلت أمها بصوت مسموع عن
سبب عدم ارتياح صغيرتها في مدرستها السابقة..
أجابت بنت العم بعفوية تامة:إن هناء قد قالت:
إن المعلمة ـ دائماـ حينما تطلب مني كتابة أو قراءة حرف..فإنها تخبطني
على رأسي بالكتاب الذي في يدها قبل أن أبدأبالكتابة!!!
آه..لقد اكتشفت الأم السر! ..
دمتم بحفظ الله منقوووووووووول | |
|